{إِنَّ الساعة لأَتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا} في مجيئها لوضوح الدلالة على جوازها وإجماع الرسل على الوعد بوقوعها. {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يُؤْمِنُونَ} لا يصدقون بها لقصور نظرهم على ظاهر ما يحسون به.{وَقَالَ رَبُّكُمْ ادعونى} اعبدوني. {أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أثبكم لقوله: {إِنَّ الذين يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخرين} صاغرين، وإن فسر الدعاء بالسؤال كان الاستكبار الصارف عنه منزلاً منزلته للمبالغة، أو المراد بالعبادة الدعاء فإنه من أبوابها. وقرأ ابن كثير وأبو بكر {سَيُدْخَلُونَ} بضم الياء وفتح الخاء.{الله الذى جَعَلَ لَكُمُ اليل لِتَسْكُنُواْ فِيهِ} لتستريحوا فيه بأن خلقه بارداً مظلماً ليؤدي إلى ضعف الحركات وهدوء الحواس. {والنهار مُبْصِراً} يبصر فيه أو به، وإسناد الإِبصار إليه مجاز فيه مبالغة ولذلك عدل به عن التعليل إلى الحال: {إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس} لا يوازيه فضل، وللإِشعار به لم يقل لمفضل. {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَشْكُرُونَ} لجهلهم بالمنعم وإغفالهم مواقع النعم، وتكرير الناس لتخصيص الكفران بهم.{ذلكم} المخصوص بالأفعال المقتضية للألوهية والربوبية. {الله رَبُّكُمْ خالق كُلِّ شَئ لاَّ إله إِلاَّ هُوَ} أخبار مترادفة تخصص اللاحقة السابقة وتقررها، وقرئ: {خالق} بالنصب على الاختصاص فيكون {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} استئنافاً بما هو كالنتيجة للأوصاف المذكورة. {فأنى تُؤْفَكُونَ} فكيف ومن أي وجه تصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.{كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الذين كَانُواْ بئايات الله يَجْحَدُونَ} أي كما أفكوا أفك عن الحق كل من جحد بآيات الله ولم يتأملها.{الله الذى جَعَلَ لَكُمُ الأرض قَرَاراً والسماء بِنَاءً} استدلال ثان بأفعال أخر مخصوصة. {وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} بأن خلقكم منتصب القامة بادي البشرة متناسب الأعضاء، والتخطيطات متهيأ لمزاولة الصنائع واكتساب الكمالات. {وَرَزَقَكُم مّنَ الطيبات} اللذائذ. {ذَلِكُمُ الله رَبُّكُمْ فتبارك الله رَبُّ العالمين} فإن كل ما سواه مربوب مفتقر بالذات معرض للزوال.{هُوَ الحي} المتفرد بالحياة الذاتية. {لاَ إله إِلاَّ هُوَ} إذ لا موجد سواه ولا موجد يساويه أو يدانيه في ذاته وصفاته. {فادعوه} فاعبدوه. {مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} أي الطاعة من الشرك والرياء. {الحمد للَّهِ رَبّ العالمين} قائلين له.{قُلْ إِنّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الذين تَدْعُونَ مِن دُونِ الله لَمَّا جَاءَنِى البينات مِن رَّبّى} من الحجج والآيات أو من الآيات فإنها مقوية لأدلة العقل منبهة عليها. {وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبّ العالمين} بأن أنقاد له أو أخلص له ديني.{هُوَ الذى خَلَقَكُمْ مّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً} أطفالاً، والتوحيد لإرادة الجنس أو على تأويل كل واحد منكم.{ثُمَّ لِتَبْلُغُواْ أَشُدَّكُمْ} اللام فيه متعلقة بمحذوف تقديره: ثم يبقيكم لتبلغوا وكذا في قوله: {ثُمَّ لِتَكُونُواْ شُيُوخاً} ويجوز عطفه على {لِتَبْلُغُواْ} وقرأ نافع وأبو عمرو وحفص وهشام {شُيُوخاً} بضم الشين. وقرئ: {شيخاً} كقوله: {طِفْلاً}. {وَمِنكُمْ مَّن يتوفى مِن قَبْلُ} من قبل الشيخوخة أو بلوغ الأشد. {وَلِتَبْلُغُواْ} ويفعل ذلك لتبلغوا: {أَجَلاً مُّسَمًّى} هو وقت الموت أو يوم القيامة. {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ما في ذلك من الحجج والعبر.{هُوَ الذى يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قضى أَمْراً} فإذا أراده. {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فلا يحتاج في تكوينه إلى عدة وتجشم كلفة، والفاء الأولى للدلالة على أن ذلك نتيجة ما سبق من حيث أنه يقتضي قدرة ذاتية غير متوقفة على العدد والمواد.{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين يجادلون فِى ءايات الله أنى يُصْرَفُونَ} عَن التصديق به وتكريم ذم المجادلة لتعدد المجادل، أو المجادل فيه أو للتأكيد.{الذين كَذَّبُواْ بالكتاب} بالقرآن أو بجنس الكتب السماوية. {وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا} من سائر الكتب أو الوحي والشرائع. {فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} جزاء تكذيبهم.{إِذِ الأغلال فِى أعناقهم} ظرف ل {يَعْلَمُونَ} إذ المعنى على الاستقبال، والتعبير بلفظ المضي لتيقنه. {والسلاسل} عطف على {الأغلال} أو مبتدأ خبره. {يُسْحَبُونَ}.{فِى الحميم} والعائد محذوف أي يسحبون بها، وهو على الأول حال. وقرئ: {والسلاسل يُسْحَبُونَ} بالنصب وفتح الياء على تقديم المفعول وعطف الفعلية على الاسمية، {والسلاسل} بالجر حملاً على المعنى {إِذِ الإغلال فِى أعناقهم} بمعنى أعناقهم في الأغلال، أو إضماراً للباء ويدل عليه القراءة به. {ثُمَّ فِى النار يُسْجَرُونَ} يحرقون من سجر التنور إذا ملأه بالوقود، ومنه السجير للصديق كأنه سجر بالحب أي ملئ. والمراد أنهم يعذبون بأنواع من العذاب وينقلون من بعضها إلى بعض.{ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَمَا كُنتُمْ تُشْرِكُونَ مِن دُونِ الله قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا} غابوا عنا وذلك قبل أن تقرن بهم آلهتهم، أو ضاعوا عنا فلم نجد ما كنا نتوقع منهم. {بَل لَّمْ نَكُنْ نَّدْعُواْ مِن قَبْلُ شَيْئاً} أي بل تبين لنا لم نكن نعبد شيئاً بعبادتهم فإنهم ليسوا شيئاً يعتد به كقولك: حسبته شيئاً فلم يكن. {كذلك} مثل ذلك الضلال. {يُضِلُّ الله الكافرين} حتى لا يهتدوا إلى شيء ينفعهم في الآخرة، أو يضلهم عن آلهتهم حتى لو تطالبوا لم يتصادفوا.